View Categories

(ف434) لدي استفسار حول مسألة تتعلق بالأضحية، وهي أن بعض المؤسسات تتولى الذبح والتوزيع نيابةً عن الناس مقابل مبلغ مالي، كما هو معلوم. والسؤال هو: ما حكم الشرع في تأخير توزيع لحوم الأضاحي إلى ما بعد أيام العيد؟ حيث إن بعض الجهات تقوم بالتوزيع بعد أسبوع أو أكثر من الذبح.

بالنسبة لحكم الاحتفاظ بلحم الأضحية، فقد وردت عدة أحاديث تمنع الاحتفاظ بها فوق ثلاثة أيام، ومن هذه الأحاديث:
ما رواه عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول: «لا يأكل أحدكم من لحم أضحيته فوق ثلاثة أيام» [رواه مسلم].
وما رواه علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يأكل أحدكم من نسكه بعد ثلاث».
وظاهر هذه الروايات أنها تمنع من الاحتفاظ بلحم الأضحية فوق ثلاثة أيام.
ولكن هذه الروايات كانت في أول الأمر ولسبب خاص ثم نسخت.
فأما السبب فقد جاء مصرحًا به في حديث عبد الله بن واقد قال: “نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكل لحوم الضحايا بعد ثلاث…”. وفيه: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إنما نهيتكم للدَّافَّة التي دفت، فكلوا وتزودوا وتصدقوا وادخروا» [رواه مسلم].
والدافة هي: قوم قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم فأراد كفايتهم بمنع الادخار.
ومنه أيضا في ذكر السبب ما رواه الشيخان عن سلمة بن الأكوع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من ضحى منكم فلا يصبحن في بيته بعد ثالثة شيئا». فلما كان في العام المقبل قالوا: يا رسول الله نفعل كما فعلنا عامَ أَوَّلَ؟ فقال: «لا إن ذاك عام كان الناس فيه بِجَهْدٍ فأردت أن يَفْشُوَ فيهم».
وقد ثبت نسخ أحاديث منع الاحتفاظ بلحم الأضحية فوق ثلاثة في عدة روايات منها:
– عن بريدة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كنت نهيتكم عن ادخار لحوم الأضاحي فوق ثلاث، فامسكوا ما بدا لكم) [رواه مسلم].
– عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن أكل لحوم الضحايا بعد ثلاث ثم قال بعد: «كلوا وتزودوا وادخروا» [رواه مسلم].
– عن عطاء قال: سمعت جابر بن عبد الله يقول: كنا لا نأكل من لحوم بدننا فَوْقَ ثَلَاثِ مِنًى فَأَرْخَصَ لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «كلوا وتزودوا» قلت لعطاء: قال جابر: حتى جِئْنَا المدينةَ؟ قال: نعم.
– وعن عطاء بن أبي رباح عن جابر بن عبد الله قال: “كنا لا نمسك لحوم الأضاحي فوق ثلاث، فأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتزود منها ونأكل منها. يعني فوق ثلاث” [رواه مسلم].
– وعن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا أهل المدينة لا تأكلوا لحوم الأضاحي فوق ثلاث» وقال ابن المثنى: ثلاثةِ أيامٍ. فشكوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لهم عيالا وحشما وخدما، فقال: «كلوا وأطعموا واحبسوا أو ادخروا» [رواه مسلم].
– ومنه فعله صلى الله عليه وسلم؛ فعن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع: «أصلح هذا اللحم». قال: فأصلحته، فلم يزل يأكل منه حتى بلغ المدينة. [رواه مسلم]. والسفر من مكة إلى المدينة يأخذ أكثر من ثلاثة أيام.
وعلى ذلك فتوزيع لحم الأضحية لا يشترط فيه أن يقع في أيام العيد والتشريق وإن كان ذلك هو الأفضل، بل يجوز أن تصل للمستحقين من الفقراء والأقارب في أي وقت ما وقع الذبح بعد العيد وقبل عصر اليوم الثالث.
المفتي: د خالد نصر