View Categories

(ف435) ما حكم توزيع كل الأضحية على الفقراء ولا يأكل منها المُضحي أو أحد من أهله شيئًا، وتذهب جميعها للفقراء؛ لأن من المعلوم أن السنة النبوية تنص على أن يأخذ المُضحي ثلث الأضحية، ويهدي ثلثًا منها، ويتصدق بالثلث الأخير؟

بالنسبة لتوزيع لحم الأضحية، فلا يوجد نص قطعيّ في تحديد قسمة معينة، وإنما هو اجتهاد وآراء لبعض الصحابة.
أولا: حكم التصدق من الأضحية على الفقراء والأقارب:
اختلف الفقهاء في ذلك، ويمكن أن نجمل الآراء في رأيين:
الأول: قول الأحناف والمالكية وقول عند الشافعية باستحباب الصدقة من الأُضحية، وعدم الوجوب، وأنّ الأمر بالتصدق والإطعام من الأُضحية لا يُفيد الوجوب والأمر اللازم، وقد استدلّوا على قَوْلهم ذلك بأنّ الله تعالى شرع الأُضحية قُربةً إليه سبحانه، وشُكرًا له، فمن ذبح أُضحية، وأكلها كلها، ولم يتصدق منها بشيء جاز له ذلك، وأجزأت عنه.
قال الإمام الكاساني: (ولو تصدق بالكل جاز، ولو حبس الكل لنفسه جاز، لأن القربة في الإراقة، وأما التصدق باللحم فتطوع، وله أن يدخر الكل لنفسه فوق ثلاثة أيام؛ لأن النهي عن ذلك كان في ابتداء الإسلام ثم نسخ).
الثاني : قول عند الشافعية والحنابلة بوجوب التصدُّق من لحم الأُضحية، لقوله تعالى : ﴿‌فَكُلُوا ‌مِنْهَا ‌وَأَطْعِمُوا ‌الْبَائِسَ ‌الْفَقِيرَ﴾ [الحج: 28]، وبناءً على ذلك فإنّ الأضحية لا تُجزئ عَمّن لم يتصدّق بأيّ جزءٍ منها.
قال النووي في المجموع: (وهل يشترط التصدق منها بشيء أم يجوز أكلها جميعا؟ فيه وجهان مشهوران ذكرهما المصنف -يقصد الإمام الشيرازي- بدليلهما، أحدهما: يجوز أكل الجميع، قاله ابن سريج وابن القاص والإصطخري وابن الوكيل، وحكاه ابن القاص عن نص الشافعي، قالوا: وإذا أكل الجميع ففائدة الأضحية حصول الثواب بإراقة الدم بنية القربة.
والقول الثاني: وهو قول جمهور أصحابنا المتقدمين وهو الأصح عند جماهير المصنفين، ومنهم المصنف في التنبيه- يجب التصدق بشيء يطلق عليه الاسم، لأن المقصود إرفاق المساكين، فعلى هذا إن أكل الجميع لزمه الضمان، وفي الضمان خلاف المذهب منه أن يضمن ما ينطلق عليه الاسم).
ثانيا: قسمة الأضحية:
استحب الفقهاء تقسيم الأضحية أثلاثًا، ولم يقل أحد بالوجوب. قال الإمام الكاساني الحنفي: (والأفضل أن يتصدق بالثلث، ويتخذ الثلث ضيافة لأقاربه وأصدقائه، ويدخر الثلث؛ لقوله تعالى: ﴿‌فَكُلُوا ‌مِنْهَا ‌وَأَطْعِمُوا ‌الْقَانِعَ ‌وَالْمُعْتَرَّ ﴾ [الحج: 36].
وقال ابن قدامة: (ولنا -أي الحنابلة ومن معهم- ما روي عن ابن عباس في صفة أضحية النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ويطعم أهل بيته الثلث، ويطعم فقراء جيرانه الثلث، ويتصدق على السؤال بالثلث» رواه الحافظ أبو موسى الأصفهاني في الوظائف، وقال: حديث حسن).
وذهب البعض إلى استحباب قسمتها لنصفين: نصف للمضحي ونصف للمحتاجين لقوله تعالى ﴿فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا ‌الْبَائِسَ الْفَقِيرَ﴾ [الحج: 28].
والصواب أنه لا قسمة معينة، وإنما يكون الأمر على حسب الحال من مكان الذبح، وحال الناس حاجة وكفاية، وحاجة المضحي حاجة وكفاية.
المفتي: د خالد نصر