إجابة هذا السؤال فرع عن فهم حكم الخلع، وهل هو تشريع خالص أو أنه تشريع قضائي؟
أولا: الخلع في العرف الشرعي هو فراق الزوجة لزوجها بفداء يأخذه الزوج منها أو من غيرها بألفاظ مخصوصة.
والأصل فيه قوله تعالى في سورة البقرة: ﴿فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ﴾ [البقرة: 229].
وكذلك ما جاء في السنة من حديث ابن عباس رضي الله عنهما: (أن امرأة ثابت بن قيس جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله، إني ما أعيب عليه في خُلُق ولا دين، ولكني أكره الكفر في الإسلام، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «أتردّين عليه حديقته؟» قالت: نعم، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «اقبل الحديقة، وطلِّقها تطليقة». والحديث عند البخاري وغيره، ويعتبر عمدة في الباب.
وترتب على الخلع طلقة بائنة فلا يراجع المختلع مختلعته بغير عقد ومهر جديدين.
ثانيا: اختلف الفقهاء في اشتراط حكم القاضي في الخلع وهذا تفصيل كلامهم:
– ذهب الجمهور من أصحاب المذاهب أنه لا يشترط حكم القاضي لنفاذ الخلع، وأنه يجوز بالتراضي بين الزوجين.
قال شمس الأئمة السرخسي في المبسوط: (الخُلْع جائز عند السلطان وغيره؛ لأنه عقد يعتمد التراضي كسائر العقود).
وقال الشيخ الآبي الأزهري في شرحه لمختصر خليل: (وجاز الخلع بلا حاكم، فلا يتوقف كونه خلعًا على حكم القاضي).
ومثل ذلك ورد عند الشافعية والحنابلة وغيرهم.
– وذهب بعض الفقهاء كالحسن البصري وابن سيرين وسعيد بن جبير أن الخلع من أعمال القضاء ولا يقع إلا بحكم السلطان (القاضي).
فقد نقل ابن حزم في المحلى عن سعيد بن جبير أنه قال: (لا يكون الخُلْع إلا بعد أن يعظها، فإن اتعظت وإلا ضربها، فإن اتعظت وإلا ارتفعا إلى السلطان، فيبعث حكَمًا من أهلها وحكَمًا من أهله، فيرفع كل واحد منهما إلى الحاكم ما رآه من صاحبه، فإما أن يرى التفريق، وإما أن يرى الجمع).
ورووا كذلك عن الحسن أنه قال: (لا خلع إلا عند السلطان).
وسبب الخلاف راجع لأمرين:
الأول: قوله تعالى: ﴿فَإِنْ خِفْتُمْ﴾ فإنه لما لم يقل (فإن خافا) دل على أن السلطان والولاية للجماعة ومردها لسلطان الجماعة.
الثاني: تفسير فعل النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث، فهل تصرف بحال التشريع أم تصرف بحال القضاء.
فمن قال بحال التشريع جعله حكمًا شرعيًّا، ومن قال بحال القضاء جعله قضاءً.
والذي نراه أن الخلع نافذ بغير حكم القاضي في حالة الاتفاق بين الطرفين على الخلع والعوض.
أما في حالة طلب الزوجة الخلع ومخالفة الزوج أو الاختلاف على العوض فلا بد من حكم القاضي، ولا يكفي أن ترد الزوجة ما أخذت أو تدفع فداء لحصول الخلع.
ثالثا: بالنسبة لصيغة الخلع فقد اختلف الفقهاء في ذلك:
– فذهب الأحناف إلى أن الخلع لا يقع إلا باللفظ الصريح وهو عندهم (الخلع) فيقول: (خالعتك). أو تقول هي: (خالعني). فيقول: قبلت. ولفظ (المباراة) كأن يقول: (بارأتك). أو تقول هي: (بارئني). فيقبل.
– وذهب الجمهور إلى أن الخلع يقع باللفظ الصريح والكنائي، والصريح مثل كلمة (المخالعة) وما تصرف منها، والكناية مثل (أنت بتة) أو (الحقي بأهلك).
واختلف هؤلاء في لفظي الفسخ والفداء بين معتبر أنه صريح في الخلع ومعتبر أنه كناية.
– ذهب الظاهرية إلى أن الخلع يقع بأي لفظ يدل على الفرقة.
أما بالنسبة لموضوع السؤال: فقولك: (طالبت من المسؤولين في المسجد) فلا بد أن نميز أمورًا:
– هل المسؤول له ولاية شرعية كالإمامة أو القضاء؟
– هل الإمامة لديه علم ودراية بأحكام الطلاق وما يترتب عليه؟
– هل الخلع يتم منفصلًا عن قضية الطلاق المدني أو ينظر في ذات الوقت؟
– هل الخلع يقع بحضور الزوج أو يقع غيابيًّا؟
فهذه كلها أمور مؤثرة في الحكم والنازلة.
المفتي: د خالد نصر
أولا: الخلع في العرف الشرعي هو فراق الزوجة لزوجها بفداء يأخذه الزوج منها أو من غيرها بألفاظ مخصوصة.
والأصل فيه قوله تعالى في سورة البقرة: ﴿فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ﴾ [البقرة: 229].
وكذلك ما جاء في السنة من حديث ابن عباس رضي الله عنهما: (أن امرأة ثابت بن قيس جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله، إني ما أعيب عليه في خُلُق ولا دين، ولكني أكره الكفر في الإسلام، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «أتردّين عليه حديقته؟» قالت: نعم، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «اقبل الحديقة، وطلِّقها تطليقة». والحديث عند البخاري وغيره، ويعتبر عمدة في الباب.
وترتب على الخلع طلقة بائنة فلا يراجع المختلع مختلعته بغير عقد ومهر جديدين.
ثانيا: اختلف الفقهاء في اشتراط حكم القاضي في الخلع وهذا تفصيل كلامهم:
– ذهب الجمهور من أصحاب المذاهب أنه لا يشترط حكم القاضي لنفاذ الخلع، وأنه يجوز بالتراضي بين الزوجين.
قال شمس الأئمة السرخسي في المبسوط: (الخُلْع جائز عند السلطان وغيره؛ لأنه عقد يعتمد التراضي كسائر العقود).
وقال الشيخ الآبي الأزهري في شرحه لمختصر خليل: (وجاز الخلع بلا حاكم، فلا يتوقف كونه خلعًا على حكم القاضي).
ومثل ذلك ورد عند الشافعية والحنابلة وغيرهم.
– وذهب بعض الفقهاء كالحسن البصري وابن سيرين وسعيد بن جبير أن الخلع من أعمال القضاء ولا يقع إلا بحكم السلطان (القاضي).
فقد نقل ابن حزم في المحلى عن سعيد بن جبير أنه قال: (لا يكون الخُلْع إلا بعد أن يعظها، فإن اتعظت وإلا ضربها، فإن اتعظت وإلا ارتفعا إلى السلطان، فيبعث حكَمًا من أهلها وحكَمًا من أهله، فيرفع كل واحد منهما إلى الحاكم ما رآه من صاحبه، فإما أن يرى التفريق، وإما أن يرى الجمع).
ورووا كذلك عن الحسن أنه قال: (لا خلع إلا عند السلطان).
وسبب الخلاف راجع لأمرين:
الأول: قوله تعالى: ﴿فَإِنْ خِفْتُمْ﴾ فإنه لما لم يقل (فإن خافا) دل على أن السلطان والولاية للجماعة ومردها لسلطان الجماعة.
الثاني: تفسير فعل النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث، فهل تصرف بحال التشريع أم تصرف بحال القضاء.
فمن قال بحال التشريع جعله حكمًا شرعيًّا، ومن قال بحال القضاء جعله قضاءً.
والذي نراه أن الخلع نافذ بغير حكم القاضي في حالة الاتفاق بين الطرفين على الخلع والعوض.
أما في حالة طلب الزوجة الخلع ومخالفة الزوج أو الاختلاف على العوض فلا بد من حكم القاضي، ولا يكفي أن ترد الزوجة ما أخذت أو تدفع فداء لحصول الخلع.
ثالثا: بالنسبة لصيغة الخلع فقد اختلف الفقهاء في ذلك:
– فذهب الأحناف إلى أن الخلع لا يقع إلا باللفظ الصريح وهو عندهم (الخلع) فيقول: (خالعتك). أو تقول هي: (خالعني). فيقول: قبلت. ولفظ (المباراة) كأن يقول: (بارأتك). أو تقول هي: (بارئني). فيقبل.
– وذهب الجمهور إلى أن الخلع يقع باللفظ الصريح والكنائي، والصريح مثل كلمة (المخالعة) وما تصرف منها، والكناية مثل (أنت بتة) أو (الحقي بأهلك).
واختلف هؤلاء في لفظي الفسخ والفداء بين معتبر أنه صريح في الخلع ومعتبر أنه كناية.
– ذهب الظاهرية إلى أن الخلع يقع بأي لفظ يدل على الفرقة.
أما بالنسبة لموضوع السؤال: فقولك: (طالبت من المسؤولين في المسجد) فلا بد أن نميز أمورًا:
– هل المسؤول له ولاية شرعية كالإمامة أو القضاء؟
– هل الإمامة لديه علم ودراية بأحكام الطلاق وما يترتب عليه؟
– هل الخلع يتم منفصلًا عن قضية الطلاق المدني أو ينظر في ذات الوقت؟
– هل الخلع يقع بحضور الزوج أو يقع غيابيًّا؟
فهذه كلها أمور مؤثرة في الحكم والنازلة.
المفتي: د خالد نصر