View Categories

(ف444) وقعت جريمة قتل راحت ضحيتها سيدة مسنّة، وهي طبيبة متقاعدة معروفة، إضافة إلى السيدة التي كانت تساعدها في رعاية ابنها المعاق. اقتحم أحد المجرمين المنزل وقتل كلتا السيدتين، فيما تُرك الابن المعاق على قيد الحياة. فهل تُعدّ هذه الضحية شهيدة من الناحية الشرعية؟ وهل يمكن اعتبارها ممن ينطبق عليهم حديث: «من قُتل دون ماله فهو شهيد». علمًا بأن الدافع الظاهر للجريمة هو السرقة، وقد تكون المجني عليها دافعت عن نفسها قدر استطاعتها؟

أولا: نسأل الله العلي الأعلى، الولي المولى أن يتقبلهما في الصالحات، وأن يغفر لهما ما تقدم، وأن يجعل مثواهما الجنة.
لله ما أعطى، ولله ما أخذ، وكل شيء عنده بمقدار.
ثانيًا: صح عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث سعيد بن زيد أنه قال: «من قُتِلَ دونَ مالِهِ فَهوَ شَهيدٌ، ومن سَرَقَ منَ الأرضِ شِبْرًا طُوِّقَهُ يومَ القيامةِ من سبعِ أَرَضِينَ»
ثالثًا: هاتان السيدتان قتلتا غيلة، وقتل الغيلة: هو القتل لأخذ المال، سواء أكان القتل خفية، كما لو خدعه، فذهب به لمحل، فقتله فيه لأخذ المال، أم كان القتل ظاهرًا على وجه يتعذر معه الغوث، وبعض الفقهاء يسمي النوع الثاني: حرابة.
وهذا النوع من القتل إن وقعت معه مدافعة، فيعتبر قتالًا دون المال، وإن لم تقع معه مدافعة فهو قتل ظلم.
وقد ذهب الفقهاء إلى أن للظلم أثرًا في الحكم على المقتول بأنه شهيد.
ومن صور القتل ظلمًا: قتيل اللصوص، والبغاة، وقطَّاع الطرق، أو مَن قُتل مدافعًا عن نفسه، أو ماله، أو دمه، أو دِينه، أو أهله، أو المسلمين، أو أهل الذمة، أو مَن قتل دون مظلمة، أو مات في السجن وقد حبس ظلمًا.
ولا يشترط لتحصيل ثواب الشهداء أن يواجه المظلوم أولئك المعتدين، فإن قتلوه غيلة أو غلبة كان مستحقًّا لثواب الشهداء، ودليل ذلك أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه طعنه أبو لؤلؤة المجوسي وهو يصلي الفجر بالمسلمين، وعثمان بن عفان رضي الله عنه، قتله الخارجون عليه ظلمًا وهو يقرأ القرآن، ورفض أن يرفع عليهم سيفًا وكان في مقدوره، ومع ذلك وصفهما النبي صلى الله عليه وسلم بأنهما شهيدان.
والشهادة هنا حكم أخروي، لا يترتب عليه أحكام الشهيد في الدنيا. فالسيدتان لهما أجر الشهيد إن وقع الأمر على ما وصف في السؤال، والعلم عند الله. المفتي: د خالد نصر