View Categories

(ف438) أحد الإخوة يسكن بالقرب من مدرسة كاثوليكية، وهي لا تسجل الأطفال إلا إذا قبل الأهل إعطاءهم دروسًا مسيحية، وفي نفس الوقت توجد مدرسة ليست ببعيدة عنه والمواصلات مؤمنة لا تلزم الأطفال بالحصص الدينية، هل يجوز له أن يسجل أطفاله في المدرسة الكاثوليكية؟

أولا: رعاية الأطفال وتنشئتهم تنشئة صحية سليمة وتربوية مسؤولية الوالدين كل بحسب دوره؛ قال تعالى: ﴿‌وَعَلَى ‌الْمَوْلُودِ ‌لَهُ ‌رِزْقُهُنَّ ‌وَكِسْوَتُهُنَّ ‌بِالْمَعْرُوفِ﴾ [البقرة: 233]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عمر عند البخاري وغيره: «كلُّكم راعٍ وكلُّكم مسؤولٌ عن رعيتِهِ، فالأميرُ الذي على الناسِ راعٍ عليهم وهو مسؤولٌ عنهم، والرجلُ راعٍ على أهلِ بيتِهِ وهو مسؤولٌ عنهم، والمرأةُ راعيةٌ على بيتِ بعلها وولدِهِ وهي مسؤولةٌ عنهم، وعبدُ الرجلِ راعٍ على بيتِ سيدِهِ وهو مسؤولٌ عنهُ، ألا فكلُّكم راعٍ وكلُّكم مسؤولٌ عن رعيتِهِ».
وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «حَقُّ الولد على والده أن يحسن اسمه، ويعلمه الكتاب، ويزوجه إن أدرك» ذكره الزبيدي في شرح الإحياء وفيه مقال.
ثانيا: التعليم من أجلّ ما نقدمه للأولاد، حيث هو ما ميز آدم على الملائكة في قصة بداية الخلق ﴿‌وَعَلَّمَ ‌آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا﴾ [البقرة: 31].
وهو باب الحكمة وهي الحظ الأوفر في هذه الدنيا ﴿‌يُؤْتِي ‌الْحِكْمَةَ ‌مَنْ ‌يَشَاءُ ‌وَمَنْ ‌يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا﴾ [البقرة: 269].
والتعلم هو ميراث النبوة فالعلماء «ورثة الأنبياء» كما في الحديث.
وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على التعلم في عدة أحاديث منها:
– ما رواه أبو هريرة عند مسلم من قوله صلى الله عليه وسلم: «ومن سَلَكَ طريقًا يلتمس فيه علمًا سَهَّلَ الله له به طريقًا إلى الجنة».
– وحديث معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم في رواية الطبراني: «يا أيها الناس تعلموا؛ إنما العلم بالتعلم والفقه بالتفقه، ومن يرد الله به خيرا يفقهه في الدين».
– وما رواه مسلم بسنده عن عامر بن واثلة: “أن نافع بن عبد الحارث لقي عمر بعُسْفَان وكان عمر يستعمله على مكة فقال: من استعملت على أهل الوادي؟ فقال: ابن أَبْزَى، قال: ومن ابنُ أبزى؟ قال: مولى من موالينا، قال: فاستخلفت عليهم مولى؟ قال: إنه قارئ لكتاب الله عز وجل، وإنه عالم بالفرائض، قال عمر: أما إن نبيكم صلى الله عليه وسلم قد قال: «إن الله يرفع بهذا الكتاب أقوامًا ويضع به آخرين»”.
والعلم هنا ليس فقط العلم الشرعي، بل كل علم نافع يصلح الفرد والمجتمع، ويجعل منه منتجًا عن بصيرة، فالطب علم والهندسة علم ودراسة التجارة علم والفلسفة علم …
ثالثا: وإذا كان طلب العلم مندوبًا للجميع وواجبًا على البعض، فقد أجاز الإسلام وسائل كثيرة في طلبه، ومنع أمورًا حتى يقع العلم النافع.
والتعلم في مدرسة تتبع ديانة أخرى جائز في أصله ولكن يشترط فيه أن يكون هناك ضمانة لعدم التأثير السلبي على المتعلم، لا سيما في فترة الصغر وقبل تكون الحد المطلوب من الفهم في الدين الإسلامي.
وعلى ذلك إذا كان من شروط المدرسة أن يتعلم الطفل تعاليم تخالف الشريعة الإسلامية، مسيحيةً كانت أو غيرها، فلا يجوز التعلم في هذه المدرسة، لا سيما إن كان هناك البديل، وحتى لو لم يكن هناك بديل فلا يجوز لأن حفظ الدين من مقاصد الشريعة العامة، وهو مقدم على ما هو حاجي أو تحسيني والتعليم منه.
وعليه: لا يجوز لعائلة هذا الطفل إرساله لمثل هذه المدارس بهذه الشروط.
المفتي: د خالد نصر